الفرق بين البهاق والبرص
يعتبر البهاق والبرص من الأمراض الجلدية التي تؤثر على لون البشرة، ويسبب كل منهما تغييرًا ملحوظًا في تصبغ الجلد. على الرغم من أن العديد من الناس قد يظنون أن البهاق والبرص هما نفس المرض، إلا أنهما يختلفان من حيث الأسباب، الأعراض، والتشخيص، كما أن كلًا منهما يتطلب نهجًا علاجيًا مختلفًا. في هذا المقال، سنتناول الفرق بين هذين المرضين من مختلف الجوانب الطبية والعلاجية.
تعريف البهاق والبرص
البهاق هو حالة جلدية مزمنة تتسم بتفشي بقع بيضاء على الجلد نتيجة لتدمير أو نقص في خلايا الميلانين، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج الصبغة التي تعطي الجلد لونه الطبيعي. يحدث البهاق نتيجة لخلل في جهاز المناعة، حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا الجلد المنتجة للميلانين، مما يؤدي إلى فقدان اللون في بعض مناطق الجلد.
أما البرص (أو ما يُعرف بالبرص الوراثي)، فهو حالة جلدية نادرة تتميز بوجود لون فاتح جدًا في الجلد مع فقدان كامل أو جزئي للميلانين. البرص هو حالة وراثية تتسبب في نقص حاد في إنتاج الميلانين في الجسم، ويظهر بشكل عام في الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الجينات المسؤولة عن تصنيع الميلانين.
الأسباب والعوامل المؤثرة في كل من البهاق والبرص
أسباب البهاق
البهاق هو مرض مناعي ذاتي، مما يعني أن جهاز المناعة في الجسم يهاجم عن طريق الخطأ خلايا الجلد المنتجة للميلانين. ويعتبر هذا الهجوم غير مفهومي لحد كبير في الطب، إلا أن الباحثين يشيرون إلى بعض العوامل التي قد تسهم في حدوثه، ومنها:
-
العوامل الوراثية: قد يكون هناك تاريخ عائلي لحالات مشابهة، مما يعزز احتمال الإصابة.
-
الإجهاد العصبي: يعتبر التوتر النفسي والعاطفي من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور البهاق أو تفاقمه.
-
العوامل المناعية: قد يرتبط البهاق ببعض الأمراض المناعية الأخرى مثل داء السكري من النوع الأول، واضطرابات الغدة الدرقية.
-
التعرض للمواد الكيميائية: يمكن أن تكون بعض المواد الكيميائية أو العوامل البيئية مثل الأشعة فوق البنفسجية سببًا في ظهور البهاق.
أسباب البرص
البرص هو حالة وراثية ناتجة عن طفرة في الجينات التي تتحكم في إنتاج الميلانين. قد يعاني المصابون بالبرص من نقص كامل أو جزئي في الميلانين في الجلد والشعر والعينين. تختلف الأسباب الوراثية للبرص بحسب نوع الطفرة الجينية، وتشتمل بعض الأنواع على:
-
الطفرات في الجينات المسؤولة عن الميلانين: قد تتسبب الطفرات في الجينات المسؤولة عن تصنيع الميلانين في اضطرابات تحدث أثناء عملية إنتاج الميلانين.
-
التوريث الجيني: ينتقل البرص عبر الجينات من الأبوين إلى الأبناء، وبالتالي يعد البرص حالة وراثية يتوارثها الأفراد من أسلافهم.
الأعراض والتشخيص
أعراض البهاق
تظهر أعراض البهاق بشكل رئيسي على شكل بقع بيضاء ملساء على الجلد، والتي يمكن أن تتفاوت في الحجم والشكل. هذه البقع عادة ما تظهر في الأماكن المكشوفة من الجسم مثل الوجه واليدين والقدمين، ولكن يمكن أن تظهر في أي مكان على الجسم. من بين الأعراض الأكثر شيوعًا للبهاق:
-
ظهور بقع بيضاء على الجلد: تكون هذه البقع عادة ملساء وغير حادة الحدود.
-
تغير لون الشعر: قد يحدث تغير في لون الشعر في مناطق البقع المصابة.
-
زيادة الحساسية للأشعة فوق البنفسجية: الجلد في المناطق المصابة يصبح أكثر حساسية لأشعة الشمس.
أعراض البرص
البرص يؤثر بشكل أساسي على لون البشرة والشعر والعينين. يختلف تأثير البرص حسب نوعه وشدته، ولكن الأعراض تتضمن عادة:
-
بشرة شديدة البياض أو حتى شفافة: يظهر الجلد بلا لون أو شفاف في بعض الحالات.
-
شعر فاتح للغاية أو أبيض: عادة ما يكون الشعر المصاب بالبرص أبيض أو شاحبًا جدًا.
-
العينين: قد يعاني الشخص المصاب بالبرص من مشكلة في تصبغ القزحية، مما يسبب مشاكل في الرؤية مثل الحساسية للضوء.
-
صعوبة في الرؤية في الضوء الساطع: بسبب نقص الميلانين في العيون.
التشخيص
تشخيص البهاق
يشخص البهاق بناءً على الأعراض السريرية والمظهر الخارجي للبقع البيضاء على الجلد. قد يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات لاستبعاد أسباب أخرى. وتشمل هذه الفحوصات:
-
التاريخ الطبي: قد يسأل الطبيب عن التاريخ العائلي للحالة وأية أمراض مناعية أخرى.
-
اختبار الأشعة فوق البنفسجية (Wood’s Lamp): هذا الاختبار يساعد في تحديد مدى انتشار البهاق وتوضيح الفرق بينه وبين حالات جلدية أخرى.
-
الفحص المجهري: في بعض الحالات، قد يستخدم الطبيب فحصًا مجهريًا لتحليل الخلايا الجلدية تحت المجهر.
تشخيص البرص
تتم غالبًا تشخيصات البرص بناءً على المظهر الجلدي أو من خلال اختبارات جينية لتحديد الطفرات الجينية المسؤولة عن المرض. تشمل الفحوصات التي قد يُطلب من المريض إجراءها:
-
التقييم الجيني: يتم من خلاله اختبار الوراثة لمعرفة إذا كان المريض يحمل الطفرات الجينية المسببة للبرص.
-
الفحص الجلدي: قد يقوم الطبيب بتفحص لون البشرة والشعر والعينين لتحديد ما إذا كان المريض يعاني من البرص.
العلاج والتعامل مع البهاق والبرص
علاج البهاق
لا يوجد علاج نهائي للبهاق، ولكن هناك العديد من العلاجات التي يمكن أن تساعد في تحسين مظهر الجلد والتقليل من الآثار النفسية لهذه الحالة. تشمل بعض طرق العلاج:
-
العلاج بالأشعة فوق البنفسجية: قد يستخدم الأطباء العلاج بالأشعة فوق البنفسجية لزيادة التصبغ في المناطق المصابة بالبهاق.
-
الكورتيكوستيرويدات الموضعية: تستخدم بعض الأدوية الموضعية مثل الكورتيزون لتقليل الالتهاب في الجلد.
-
الأدوية المناعية: في بعض الحالات، يمكن أن تستخدم الأدوية التي تؤثر على جهاز المناعة لوقف عملية تدمير الخلايا المنتجة للميلانين.
-
الجراحة: في بعض الحالات المتقدمة، يمكن استخدام عملية زرع الجلد لتغطية المناطق المصابة.
علاج البرص
نظرًا لأن البرص هو حالة وراثية، لا يوجد علاج شافٍ لها. لكن يمكن التعامل مع الأعراض لتحسين نوعية حياة المرضى. تشمل طرق العلاج:
-
استخدام الواقيات الشمسية: نظرًا لحساسية الجلد للأشعة فوق البنفسجية، يُنصح باستخدام واقيات شمسية قوية.
-
العدسات الملونة: يمكن استخدام العدسات الملونة لتحسين الرؤية وحماية العينين من الضوء الساطع.
-
العلاج الجيني: لا يزال البحث مستمرًا حول العلاجات الجينية التي قد تساعد في علاج البرص.
الفرق الرئيسي بين البهاق والبرص
في النهاية، تكمن الفروق الأساسية بين البهاق والبرص في الأسباب والعوامل المسببة. البهاق هو حالة مناعية ذاتية تؤدي إلى تدمير خلايا الميلانين، بينما البرص هو حالة وراثية تنتج عن نقص الميلانين منذ الولادة. كما أن البهاق يمكن أن يصيب الأشخاص في أي مرحلة من العمر، في حين أن البرص يظهر منذ الولادة ويظل مستمرًا طوال الحياة.
البهاق يمكن أن يؤثر على الأشخاص الذين لا يعانون من حالات وراثية معينة، بينما البرص هو حالة وراثية مرتبطة بشكل وثيق بالتاريخ العائلي.
على الرغم من أن كلا من البهاق والبرص يؤديان إلى تغييرات في لون الجلد والشعر، إلا أن العوامل المسببة، الأعراض، وطرق العلاج لكل منهما تختلف تمامًا.
المراجع
-
Alikhan, A., & Felsten, L. M. (2011). Vitiligo: A comprehensive overview. Journal of the American Academy of Dermatology, 65(3), 363–373.
-
Grønskov, K., Ek, J., & Bruun, M. (2009). Oculocutaneous albinism: Clinical and molecular genetics. Acta Dermato-Venereologica, 89(3), 231–240.
